أنسنة الإعلام الاجتماعي

أنسنة الإعلام الاجتماعي

في كتابهما ” إقتصاد الفقراء ” لفت الحائزان على جائزة نوبل للإقتصاد (ابهجيت بانرجي، واستر دفلو) نظرنا إلى حقيقة مهمة فيما يتعلق بتفاعل الجماهير مع القضايا الإنسانية .

ففي تجربة مهمة تم إعطاء مجموعتين منفصلتين من الطلبة قصتين .

القصة الأولى عن تعرض 3 ملايين طفل في دولة مالي لخطر المجاعة بسبب الفيضانات .

والقصة الثانية عن تعرض طفلة واحدة فقط من مالي ( رقيه، 7 سنوات ) لخطر المجاعة بسبب نفس الفيضانات.

وعندما طلبوا من المجموعتين التبرع لضحايا القصة التي قرؤوها كانت المفاجأة أن التبرعات من أجل إغاثة الطفلة رقية كانت أكبر من التبرعات لإنقاذ الثلاثة ملايين طفل!

والتفسير بسيط جدا..

عندما تطلب من شخص أن يتبرع لثلاثه ملايين طفل فإنه سيحس ان تبرعه قليل ولا قيمة له ولن يساهم في حل مشكلة معقدة كهذه المشكلة كما عرضت عليه ضخمة جداً وأكبر من قدراته لهذا يفقد الدافع للتبرع.

لكن عندما تطلب منه التبرع لشخص واحد فإنه سيحس بقيمة المبلغ الذي يتبرع به وبسهولة حل المشكلة.

هذا يفسر حجم التفاعل الجماهيري الواسع لمساعدة صاحب بسطة هنا أو هناك أو بائع شاي جمر في هذه المنطقه أو تلك ، بينما يتجاهل نفس الرأي العام آلافاً ممن هم بحاجة للمساعدة ممن هم على حافة الفقر أو ساكني رصيف البطالة والحاجة .

فحل مشكلة شخص واحد سهل ومغرٍ أما حل مشكلة منطقه أو مدينة ففوق طاقتهم كما يظنون ..

لذا فإن ملايين الدولارات التي تجمعها المنظمات الخيرية العالمية تأتي من تبرعات بسيطة لأفراد (5 دولار، 10 دولار، ملابس مستعملة… الخ) تتجمع لتصبح سيلاً من المساعدات.

وهذا هو السبب الذي جعل العاملين في مجال المساعدات يركزون على “أنسنة” القضايا الإغاثية ، وتقديمها من خلال أشخاص تأثرت حياتهم سلباً بسببها ، بدلاً من التركيز على الأرقام.

تحتاج مشكلة دعم المحتاجين وتأهيلهم إلى عمل إنساني منظم ، وإلى عمل اعلامي يقدم المشكلة من خلال قصص أطفال أو وأشخاص أو عوائل دمرت حياتهم بسببها.

لذا تعتبر طريقة تجزئة المحتاجين للعون إلى مجموعات صغيره ذات احتياجات محدده أو تقديم قصصهم بشكل منفصل طريقة فعالة في تقديم حلول ناجحة لهذه الحالات وبالتالي صناعة الأثر على المستوى الجمعي للمنطقة أو القطاع الجغرافي المستهدف من قبل المنظمة .

رائد جيلان

@rjilan7

السابق
التالي

اترك تعليقا

× تواصل واتس اب